ستة أسئلة تبحث عن مجيب

السؤال الأول للديمقراطيين الذين يعملون فى حملة عبدالفتاح السيسى الرئاسية: هل تعتقدون أن شراكة 30 يونيو قائمة أم انهارت؟ وهل تشعرون بأنكم شركاء أم تابعون؟ وما الفارق بين ما تفعلونه الآن وبين ما كان يفعله أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطنى التابعة لجمال مبارك؟ أعضاء لجنة السياسات لم يكونوا شركاء، وإنما تابعون، وكانوا يعرفون هذا. قبلوا التبعية، على أمل التمكن من ملء الفراغ السياسى الذى يعانى منه النظام بخطاب حديث متطور ينقل البلد للأمام. لُمْنا هؤلاء الناس وقتها، وقلنا إن الإصلاح يتطلب شراكة حقيقية لا تبعية. وأوضحت التجربة أننا على صواب وهم على خطأ، فما الذى تغير؟ وما الفارق بين ما فعلوه وما تفعلونه أنتم اليوم؟

السؤال الثانى للحكومة الانتقالية: ما الفارق بين ما تفعلونه فى مجال التحول الديمقراطى وبين ما فعله الإخوان؟ هم جاءوا للحكم باسم حماية التحول الديمقراطى، ثم اختصروا الديمقراطية فى صندوق انتخابات تصبح فيه الأغلبية تفويضا لفعل ما يحلو لمن حصل عليها، بما فى ذلك تغيير قواعد العملية السياسية نفسها لتمكينهم من السيطرة على مفاصل الدولة والمجتمع، وإجهاض فرص للمعارضة فى العمل وتنظيم صفوفها. فعلوا ذلك من خلال إجراءات ومشروعات قوانين تقيد الحق فى التظاهر، وتتيح للحكومة تقييد حرية التعبير، وتعطيها سيطرة على العملية الانتخابية برمتها عن طريق السيطرة على الإعلام الرسمى تليفزيونا وإذاعة وصحفا ومجلات، والسيطرة على الوزارات والهيئات المعنية بتنظيم الانتخابات. وقتها قلنا إن الديمقراطية ليس مجرد صناديق انتخابات، وإنما سيادة للقانون، واستقلال للإدارة والقضاء والشرطة، وإعلام غير منحاز، ومناخ يكافح الترهيب والكراهية والتحريض. ضحكوا علينا حين قلنا ذلك، واتهمونا بأننا نخبة فاشلة، منفصلة عن إرادة الجماهير وهمومها، مغتربون وعملاء للغرب، أو على الأقل حالمون سذج لا نفهم طبيعة الشعب المصرى. ما الفارق أيتها الحكومة الانتقالية بين ما فعلوه هم وما تفعلينه وتقولينه أنت الآن؟ ولِمَ تظنين أنك ستنجحين فيما فشلوا فيه؟

السؤال الثالث لجماعة الإخوان ومناصريها: هل تعتقدون أن المظاهرات والقلاقل المصاحبة لها ستعيدكم للحكم؟ وإن كانت الإجابة بالنفى، فما هو الهدف من استمرارها: هل هو مجرد تنفيس عن الغضب أم أن هناك هدفاً سياسياً وراءها؟ وهل تشعرون أنكم تحققونه؟ هل غياب أى مراجعة فكرية أو تنظيمية لمواقفكم يعنى أنكم لا ترون عيباً فيما فعلتموه؟ وكيف تفسرون هذا الغضب الشعبى الواسع عليكم: هل الشعب كله- خارج صفوف أنصاركم- مخدوع؟ وهل تعتقدون أن استمراركم فى هذا النهج يزيد أم يقلل من فرصة عودتكم للعمل السياسى مرة أخرى فى مصر؟

السؤال الرابع لكل من يستخدم السلاح ويفجر العبوات الناسفة: اذكر لى بلداً واحداً نجح فيه الإرهاب فى تحقيق أهدافه السياسية الكبرى؟ هل نجح فى مصر فى التسعينيات؟ هل نجح فى أمريكا؟ فى العراق؟ فى الجزائر؟ طبعا يمكن للإرهاب النجاح فى الضغط على الحكومات، لكن هل نجح فى تحقيق أهدافه الكبرى فى أى مكان أو زمان؟ ألم يوقف تنظيم الجهاد- والجماعة الإسلامية- عملياتهم فى مصر من قبل، إدراكاً منهم بعجز الإرهاب عن تحقيق هذه الأهداف؟ فما الهدف من هذا الذى تفعلونه؟

السؤال الخامس للإعلام الرسمى بأنواعه: طبلتم لمبارك، ثم طبلتم للثورة، ثم طبلتم للمجلس العسكرى، ثم طبلتم للإخوان، ثم طبلتم للحكومة الانتقالية، ما لكم؟ أليس لكم رأى مستقل؟ ألا تشعرون أبدا بالحاجة لاتخاذ موقف؟ وفى داخلكم، فى لحظات الصمت خلال النهار أو حين تأوون لفراشكم، ماذا تقولون لأنفسكم؟ إن قدركم أن تكونوا طبالين تابعين؟ هل ارتاحت نفوسكم للذلة والمسكنة وقد خلقكم الله أحرارا؟ أم أن هناك تفسيراً آخر، سراً لا نفهمه، يحتم عليكم التطبيل دوماً ولأى نظام؟

السؤال السادس للأحزاب الديمقراطية التى نشأت بعد الثورة: ظللتم أعواما تتحسرون على غياب انتخابات رئاسية فى مصر، ثم قامت ثورة، وأنشأتم أحزابا، وجاء موعد انتخابات الرئاسة، فكيف تفسرون عدم تقديمكم مرشحا يمثلكم؟ وإن كنتم عاجزين عن العثور على شخص واحد يمكنه ترجمة رؤاكم وأحلامكم لمشروع رئاسى، فماذا يعنى تقاعسكم عن تأييد المرشح الذى أخذ على عاتقه تمثيل التيار الديمقراطى؟ وإن كنتم غير قادرين على هذا ولا على ذاك فما هو دوركم بالضبط فى الحياة السياسية؟ ولو أنكم اختفيتم كلية من المشهد، فماهو الشىء الذى سنفتقده؟ وهل تعتقدون أن جمهوركم، وأهم منه الجمهور الأوسع الحالم بالتغيير، ينظر لكم فى موقفكم هذا نظرة الاحترام أم نظرة أخرى؟ وكيف، فى رأيكم، ستجد أحزابكم التأييد الجماهيرى الذى يُمَكِّنها من الفوز بانتخابات والمنافسة على السلطة بعد هذا؟

هناك فارق بين الإجابة عن الأسئلة وبين التبريرات والصراخ وتوجيه الاتهامات لمصدر السؤال. وصدقونى، لن تفيد التبريرات والاتهامات أحدا، ولن نتحرك للأمام دون إجابات حقيقية عن هذه الأسئلة.

نشر في المصري اليوم بتاريخ ٥ ابريل ٢٠١٤